السبت، ٢٣ فبراير ٢٠٠٨

الحب والإقتصاد

أن لهاث الجميع وراء المادة طغى على قيمة الحب والمشاعر في حياتنا، ولكن بمجرد أن يصل الإنسان للنهاية بأن يزول عنه المال والمنصب والجاه تجد أن كل من كانوا حوله أبعد ما يكونون عنه، ويجد نفسه وحيداً بلا أصدقاء وبلا حب حقيقي؛ لأن العلاقة كانت قائمة على المصلحة والمنفعة؛ فالحياة لا يمكن أن تقوم على المادة فقط ولا على الحب والعاطفة فقط، بل لابد من تواجد الاثنين، ولابد من الموازنة بينهما، والحب من العواطف السامية بين البشر، وقد يكون وسيلة فعّالة لتحسين الأحوال الاقتصادية والإنتاجية في المجتمع كله.نبدأ أولاً بالعلاقة داخل الأسرة فإذا كانت علاقة قائمة على تبادل مشاعر الحب والود والألفة بين الآباء والأبناء فمما لا شك فيه أن هذا الجو سيدفع كلاً منهم إلى العمل والبذل والتضحية من أجل الآخرين، وبذلك يزيد إنتاج الأسرة، ويقبل كل فرد على العمل أو الدراسة بجد واجتهاد.أما إذا كان العكس، وسادت علاقة باردة بين الأب مثلاً وأولاده، أو بينه وبين الأم فيظهر أثر ذلك على الأسرة من تأخر دراسي واقتصادي؛ لانشغالهم بأمور كثيرة غير العمل.كالقاعدة الشرعية التي أرساها الله -عز وجل- وهو تسخير العباد بعضهم لخدمة بعض؛ فقد يظن الناس أن الفقير هو الذي يخدم الغني، ولكن هناك علاقة متبادلة؛ فالغني الذي يعطي ماله للفقراء والمساكين يبني بينه وبينهم جسراً من الحب والعطف والرحمة، وكما نعرف أن الأيام دول، فقد تدور الدائرة ويصبح كل منهما مكان الآخر، فهنا سوف يعطي الغني؛ لأنه أخذ من ذي قبل. مثال آخر: التواجد في مكان العمل الذي تنتشر فيه الدسائس والمكائد والتلاعب والانتهازية و الوصولية من بعض أفراده يؤدي إلى عدم وجود فريق واحد متكامل، وبلا شك سيؤدي إلى خسارة اقتصادية كبيرة؛ لأن الكل خائف مترقب أي كيد يطيح به، ولا تقوم بينه وبين الآخرين علاقة مودة وصداقة، بل هناك دائماً نفور وتباعد؛ فقلما تجد اهتماماً بالعمل والإنتاج، وإذا كان المسؤول عن العمل يتعامل مع مرؤوسيه من باب الحزم والشدة والسلطة فقط فقد تولّد هذه المعاملة نوعاً من الكراهية له، ولا يؤدي إلى حسن سير العمل.أما إذا توافرت في مكان العمل العلاقة الطيبة والمعاملة الحسنة فسوف ينعكس هذا على أداء العاملين وعلى الإنتاج والاقتصاد. إذن فالحب وسيلة للنماء وزيادة الإنتاجية من الناحية الاقتصادية، وديمومة هذا النماء هو البذل والعطاء المتبادل بين الناس جمعياً، وهكذا تقوم الحياة، وتستمر على أسس سوية، وليس على المصلحة المادية فقط.

ليست هناك تعليقات: