الأربعاء، ٢٨ نوفمبر ٢٠٠٧

العنف الأسري



من المتسبب فيه الزوج أم الزوجة ؟ أم البيئة المحيطة ؟ أم المغروس في النفوس منذ الطفولة ؟ إن الحياة الزوجية مسرح يمثل عليه الأزواج ما تعرضوا له في طفولتهم ، فمن شب على عداء لا شعوري لوالديه ، كان أدنى أن يصب عداءه على شريكه في الزواج من شاهد أمه تهين والده وتذله شب وفي نفسه شيء ضد المرأة ، والطفلة إذا شاهدت والدها يهين أمها ويضربها ، غرست تلك المناظر وتعمقت في نفسها وكرهت الرجل ، فإذا كبر الطفل والطفلة وكون كل منهما أسرة ، كانت تلك المناظر التي تعيش في لا شعورهما ( العقل الباطن ) حتى إذا ما حدث أي خلاف أو مشكلة ـ وهذا طبيعي أن يحدث داخل الأسرة ـ ظهرت على مسرح الأحداث تلك الشخصيات التي ما زالت تعيش في العقل الباطن ، فالزوجة ترى في زوجها شخصية والدها الذي كان يضرب أمها ، والزوج يرى في زوجته شخصية والدته التي كانت تهين والده ، وقد يكون العكس صحيحا ، ومن هنا يبدأ كل منهما في التهيؤ للدفاع عن نفسه ، وما زالت تلك المناظر من الماضي البعيد ماثلة أمام عينيهما ، فهي لا تريد أن تُضرب مثل أمها ، وهو لا يريد أن يهان مثل أبيه ، كل ذلك إذا ما وصلت المناقشات إلى حد الصياح ورفع الأيادي أما الطفل الذي نشأ مدللا مسرف في الاتكال على والديه سنجده إن لم يجد في شريكه ذلك فسيثور ويغضب ويتمرد كما كان يفعل في طفولته ، أما الطفل الذي لم يذق طعم العطف في صغره عز عليه أن يشعر به فيما بعد ، واستحال أن يهبه لغيره ، أما من شب شاعرا بالنقص ـ حقيقي أو موهوم ـ ضعيف الثقة بنفسه كان شديد الغيرة في زواجه ، شديد الحساسية لأية ملاحظة أو نقد ، أما من شب أنانيا مسرفا في حبه لنفسه ، عاجزا عن حب غيره ، كان زواجه ناقصا يعجز عن التضحية التي يتطلبها كل زواج سعيد ، وإن رزقا الزوجان بأطفال كان هؤلاء الأطفال هم كباش الفداء وهنا نتعرف على الأسباب التي تسبب في حدوث المشاحنات والعنف ، وأن منشأها نفسي ، ونتبين أن لحياة الطفولة أثرها الفعال ، وللأسرة دورها الخطير في حياة الأفراد والمجتمع ، فالأسرة لها التأثير في تعيين شخصيات أفرادها وتشكلها وتوجهها إلى الخير أو الشر وإلى الصحة أو المرض وإلى السواء أو الشذوذ وقد يكون سبب العنف والمشاحنات والخصومات من البيئة المحيطة بالزوجين ، إما أهل الزوجة بتدخلاتهم وعدم رضا الزوج عن ذلك ، وإما بتدخل أهل الزوج وعدم رضا الزوجة عن ذلك ، ومن هنا تنشأ الخلافات والمشاحنات التي قد تصل إلى مد الأيادي ، وقد يعود الزوج من عمله متعبا محملا بهمومه ولا يجد الراحة في البيت ، بل يجد زوجة بانتظاره ، وبدلا من تهيئة الجو المريح له لينسى هموم ومتاعب العمل ، يجدها سببا آخرا في متاعبه ، مما يجعله يقوم بأفعال وسلوكيات لا إرادية قد تصل حد العنف ، ولم تتصرف الزوجة بحكمة عندما شعرت بتعب زوجها ، فكانت السبب المباشر لحدوث الخصام والكلام الذي قد يصل إلى العنف . وللمعلومية فإن العنف وتوتر العلاقة بين الوالدين تؤثر في سلوك الأبناء ، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث ذلك ، حيث أن الخلافات والمشاحنات والعنف الحاصل بين الزوجين تؤثر على سلوك الأبناء ، كما أن تربيتهم لن تصل إلى الطريقة المثلى ، وتخلق في البيت جوا من التوتر يؤثر في حياة الأبناء تأثيرا بالغا ، وتحدث صعوبات في التكيف وإذا الخصام أو العنف أدى إلى انقطاع كامل أو ما هو قريب منه في العلاقة بين الوالدين وأصبح البيت متصدعا ومتهدما غدا البيت من الجحيم في نظر الأبناء ، وإن عاشا الزوجان معا مراعاة لجميع أبنائهما ، لكن ليس بينهما أي مودة أو اتصال أو تقارب ، عاش الأبناء أجواء الطلاق النفسي والذي هو أشد وقعا وتأثيرا على نفسيات الأبناء من الطلاق الحقيقي وحتى يجنب الآباء والأمهات الأبناء مثل تلك الأجواء والبيئات الموبوءة فعليهما التنازل عن بعض المطالب والتفاهم والابتعاد عن الأطفال أثناء المناقشة ، كما يجب الابتعاد وتجنب الأسباب التي قد تؤدي بهما إلى الخصام والمشاحنات ومن ثم مد اليد والعنف وليعلم الزوج والزوجة أنهما في هذه الحياة امتداد للجنس البشري ، لهما رسالة في الحياة ستنتهي بنهايتهما وسيحملها غيرهما من بعدهما ، فليتركا لهما ذكرى حسنة وحميدة

ليست هناك تعليقات: